السبت، 3 ديسمبر 2011

ليبيا موحدة لا مركزية أم فيدرالية ؟ عبر من المعاناة الصومالية 2 من 2



البديل: النظام اللامركزي الموحد

لإثبات أن ليس كل الأنظمة اللامركزية الموحدة فاسدة أود أن اُذكر متصفح المقال أن إدارات المستعمر الأوربى (European colonial administrations) فى أفريقيا وغيرها من المستعمرات هى التى وحدت شعوب البلاد المستعمرة بما فى ذلك الصومال تحت هيكل إدارى مركزي واحد و فعال. وقبل وصول المستعمر كانت هذه البلاد مقسمة إلى إمارات، ممالك، ومشيخات أو إدارات قائمة على قناعات اعتقادية /طائفية إلا أنها كانت غير مترابطة وغير متفاعلة بطريقة متسقة و مجدية تولد الإحساس الجماعى بإلاتنماء إلى وطنٍ واحد (الحس الوطنى).


على المرء أن يستجمع قليلا من الشجاعة ليعترف بأفضال المستعمر الأوربى السابق فى هذا المجال. وعلى الرغم من الكثير من المنكر الذى ارتكبه المستعمر، لا أظن أن هناك خلافا كبيرا حول حقيقة أن تلك الإدارات الإستعمارية المركزية كانت فاعلة على الرغم من أن وسائل الاتصال فى تلك الحقبة من الزمن لم تكن متطورة مثلما هى عليه اليوم.

[sws_pullquote_left] ليس من الحكمة في شيء رفض نظام الدولة الموحدة لمجرد أنها تقوم على مؤسسات مركزية قوية. كما لا ينبغى فى حالة الصومال، أخذ حكم محمد سياد برى المستبد الذى ركز السلطات فى يديه بشكل مفرط ولمدة 21عاماً على أنه مثال جيد لنظام الدولة الموحدة. [/sws_pullquote_left] 

ليس من الحكمة في شيء رفض نظام الدولة الموحدة لمجرد أنها تقوم على مؤسسات مركزية قوية. كما لا ينبغى فى حالة الصومال، أخذ حكم محمد سياد برى المستبد الذى ركز السلطات فى يديه بشكل مفرط ولمدة 21عاماً على أنه مثال جيد لنظام الدولة الموحدة. بل على العكس ينبغى النظر إلى هذه المرحلة على أنها حلقة مؤسفة وشاذة تعود إلى ماضى البلاد.


أرجو أن لا تعطى هذه الملاحظات انطباعا بأننى من دعاة النظام المركزى المطلق. بل على العكس من ذلك أتمتع بإيمان قوى بالتمثيل الديموقراطى ونظام دستورى فعال.
يمكن العثور على أمثلة جيدة لهذا النوع من النظام في دول مختلفة مثل: فرنسا، وجنوب أفريقيا، وبريطانيا، وتنزانيا، وغانا، وبوتسوانا، وكلها أنظمة ناجحة ومستقرة وذات سمعة طيبة.
من وجهة نظر الهيكلية، يبدو النظام الفدرالى مختلفاً اختلافاً كبيراً عن نموذج النظام اللامركزي الموحد (Decentralized unitary form ). 

إن النظام الفدرالى ليس أكثر تعقيداً من المنظور التشريعى والبيروقراطى فحسب، بل هو أيضاً نظام ينطوى على تهديد للوحدة الوطنية وسلامة التراب الوطنى للدولة. 

إنه نظام يسهل لحكام الولايات الأنانيين والمتعطشين للسلطة بتهديد الحكومة الفدرالية بالانشقاق بولايتهم إذا لم تستجب لرغباتهم الشخصية.


كما يسهل هذا النظام للقوى الأجنبية التدخل فى الشئون الداخلية للدولة الصومالية عن طريق إثارة القلاقل فى الولايات الفدرالية.

 ولقد شهدنا بالفعل دليلاً واضحاً على ذلك فى الحالة الراهنة فى كل من بونتلاند (Puntland) و صوماليلاند (Somaliland).
[sws_pullquote_right] أفترض أنه فى حالة اعتماد النظام الاتحادي (الفدرالى) المقترح فإننا سوف نجد أنفسنا أمام مشاهد غير متوقعة ونتائج عكسية غير مقصودة. 

وطن مجزأ إلى مناطق عدة، أى (ولايات اتحادية) قائمة على تحالفات وولاءات عشائرية ضيقة بدلاً من جمهورية قائمة على رحابة المواطنة وذهنية التمدن. 

[/sws_pullquote_right] أفترض أنه فى حالة اعتماد النظام الاتحادي (الفدرالى) المقترح فإننا سوف نجد أنفسنا أمام مشاهد غير متوقعة ونتائج عكسية غير مقصودة. وطن مجزأ إلى مناطق عدة، أى (ولايات اتحادية) قائمة على تحالفات وولاءات عشائرية ضيقة بدلاً من جمهورية قائمة على رحابة المواطنة وذهنية التمدن. وضعية كهذه سوف تؤدى وبكل تأكيد إلى سرعة تآكل اُسس الوحدة الوطنية وسلامة أرض الوطن.إن اعتماد الدستور الاتحادي (الفدرالى) يعنى بكل وضوح اعتماد وتكريس (وتقديس) الوضع القائم الآن، أى فى وقت تعيش فيه البلاد حالة فوضى الانقسامات العشائرية، وسيطرة اُمراء الحرب على أجزاء من الوطن.

تحت شبح دولة صومالية بهذا النوع من الدستور (أى، دستور الاتحاد الفدرالى)، يمكن للمرء أن يتنبأ بكل بساطة أن المسئول المنتخب سيكون دائماً ممثلاً لأكبر عشيرة فى القبيلة أو القبائل المستوطنة فى الإقليم. هذا يعنى بكل بساطة أن تتركز السلطة والثروة – وإلى الأبد- فى يد مجموعة صغيرة وقوية من الأوليغارشية العشائرية (Clan oligarchy).


هذا يفسح المجال أمام ما يفترض أنه حتى الحكومات الدكتاتورية المركزية كانت تحاربه. بل الأسوء من ذلك أن فرص الالتحاق بسلك الدولة وخدمة الوطن تكون نادرة / أونادرة جداً أمام القبائل او العشائر المتوسطة الحجم أو الصغيرة وكذلك الأقليات العرقية، مما يفقدهم نصيبهم / حقهم العادل فى التوزيع السياسى.
[sws_pullquote_left] 

النظام اللامركزى الموحد (Decentralized Unitary System) مع ضمانات تتعلق بالحكم الذاتى الإقليمى أو المحلى سيكون أكثر ملاءمة للجمهورية الصومالية الثالثة. 
[/sws_pullquote_left] 

فى ضوء ما سبق فإن النظام اللامركزى الموحد (Decentralized Unitary System) مع ضمانات تتعلق بالحكم الذاتى الإقليمى أو المحلى سيكون أكثر ملاءمة للجمهورية الصومالية الثالثة. 

ومن إيجابيات النظام اللامركزى الموحد أنه يُمكن الطاقات السياسية المحلية من إدارة شئون الأقاليم والمحليات، وليس ذلك فسحب، بل يعتبر أيضاً أكثر واقعية وفعالية من حيث التكلفة. 

ومع افتراض أنه يجب أن تكون البنود الضامنة لقيام الحكم الإقليمى أو المحلى منصوصة فى الدستور إلا أن تنفيذ هذه البنود الدستورية يتوقف على كفاءة كل منطقة على تحمل الواجبات والمسؤليات الإدارية على حدة. 

وبمجرد التحقق من قدرة الإقليم على إدارة شئونه المحلية الخاصة يجب تنفيذ البنود الدستورية الناصة بحق الإقليم بإدارة نفسه ذاتياً فوراً.


خاتمة:
انخفاض الكفاءات البشرية وندرة القيادات المؤهلة
Low Human capital and a paucity of Qualified Leadership
من وجهة نظرى الشخصية، المعضلة الحقيقية التى تواجه الصومال اليوم لا تتمثل - فى المقام الأول- فى شكل البنية الدستورية الأنسب لهذا المجتمع. أعتقد أن لب المعضلة يكمن فى العامل الإنسانى. 

نظرياً قد يبدو أى نظام للحكم جيدا وقابلا للتطبيق. عملياً الأمرمرهونٌ وبنسبة 100% على حسن نية، وإخلاص، وتفانى، وقدرات أولئك الذين يحملون مسئولية تنفيذ نصوص هذا الدستور على أرض الواقع. 

لذلك يجب على كل المخلصين اللذين يحملون مأساة الصومال فى قلوبهم ويرغبون مد يد العون لهذا الشعب أن يركزو كل انتبهاههم فى كيفة توفير هذه الكفاءات المؤهلة والمخلصة على وجه السرعة. (وعلى الرغم من أن القلق على شكل البنية الدستورية المناسبة لهذا المجتمع أمر وارد) إلا أن عدم توفر أعداد كافية من الكفاءات الإدراية والقيادية المؤهلة فإن أي إطار دستورى سيكون محتوماً بالفشل.

[sws_pullquote_left]لا يختلف اثنان فى أن العلم، والمهارات العالية ضروريان لإدارة دفة حكم رشيد. إلا أن هذا غير كاف بالضرورة. وربما يكون العامل الأكثر أهمية هو ظهور قيادات ملهمة على المسرح السياسى. إلا أن تزاوج العلم والمهارات العالية مع قيادات ملهة وواثقة، بإضافة تضامن دولى حقيقى مع هذه القيادة المؤهلة والملهمة ربما يمهد لبداية رحلة طويلة وشاقة لإحياء روح المواطنة الصومالية عند الناس وبناء مؤسسات المجتمع. [/sws_pullquote_left] 

لا يختلف اثنان فى أن العلم، والمهارات العالية ضروريان لإدارة دفة حكم رشيد. إلا أن هذا غير كاف بالضرورة. وربما يكون العامل الأكثر أهمية هو ظهور قيادات ملهمة على المسرح السياسى. إلا أن تزاوج العلم والمهارات العالية مع قيادات ملهة وواثقة، بإضافة تضامن دولى حقيقى مع هذه القيادة المؤهلة والملهمة ربما يمهد لبداية رحلة طويلة وشاقة لإحياء روح المواطنة الصومالية عند الناس وبناء مؤسسات المجتمع.

عندما يحدث هذا، سينحسر وهج القبيلة ويخمد لهيبها وبالتالى تأثيرها على السياسة الوطنية. عندها فقط يبدأ الكفاح الصادق لبناء مؤسسات الدولة للتغلب على التخلف المعشعش فى وجداننا!

انتهى 




هناك من يتفق مع النظام الموحد لكن ((اللامركزي )) في الدول العربية التي تعاني انقساما اكثر ومع ذلك أصوات عاقلة لا تريد الفيدرالية

الفيدرالية أم النظام اللامركزي الموحد؟
الهيكل المستقبلى لدستور جمهورية الصومال
عبد الرزاق حاج حسين / رئيس وزراء الصومال 1964-1967م
2 مايو، 2011

http://arabic.alshahid.net/columnists/42148

تمت الترجمة من النسخة الإنجليزية بتاريخ الثانى من مايو 2011 لخدمة مركز الشاهد للبحوث والدراسات الإعلامية. النسخة الأصلية منشورة في عدد من المواقع الصومالية منها موقع هيران وموقع مركا عدي | المترجم/ أحمد عثمان محمد – فى فنسنس / النرويج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق