الجمعة، 23 سبتمبر 2011

من قواعد اللعبة السياسية ... !.‏

بسم الله
صاحب الربيعي
هناك التباس وخلط كبير بين المفاهيم السياسية مرده الأساس استسهال العمل السياسي دون ‏إدراك ماهية السياسة بدليل أن مفتاح المجاملة بين العامة من الناس السياسة وكيل ‏الاتهامات المجانية للسياسيين دون سند أو دليل مادي، والجدل دون نهايات أو نتائج فيختل ‏العقل السوي عن إدراكها.‏
‏ يتعكز السياسي كثيراً على مفهوم الوطنية للنيل من أقرانه والتشكيك في وطنيتهم والإيحاء ‏أنه المدافع الوحيد عن الوطن وغيره الخائن.... ويفصل رداء الوطنية على مقاسه الخاص ‏لتبرير أفعاله وممارساته السياسية مقابل إنكارها على المناوئين. فالسياسة لا تقر بالثوابت ‏الوطنية والمفاهيم المبسترة فما كان يحط من قدر السياسي سابقاً من نسج علاقات مع ‏أجهزة أمنية لدول أجنبية أصبح السياسي في الوقت الراهن يجاهر ويتفاخر بصلاته مع ‏أجهزة أمنية لدول أجنبية ويعدها توظيفاً لتحقيق مهاماً وطنية !!.‏

قواعد اللعبة السياسية تغيرت ولم تعد ذاتها وليست بذات الصرامة في كل دول العالم، ‏ويفرضها صناع السياسية الدولية وليس المؤدين لها خاصة في دول العالم النامي. ‏الصناعة السياسية أصبحت أكثر رواجاً وتنوعاً وصالحة لكافة الظروف والمناخات ‏السياسية، فالنموذج السياسي السيئ يروج له الأعلام الديماغوجي باعتباره الأفضل ‏والأحسن، ويسوقه كبضاعة للجمهور الجاهل وبالمقابل يطرد السياسي الجيد من السوق ‏السياسية حتى لو نال استحسان الجمهور المتعلم.‏

القبول بقواعد اللعبة السياسية شرط أساسي لممارسة مهنة السياسة، فالاحتراف السياسي ‏ليس موهبة ولا تراكم لخبرة سياسية على الصعيد الدولي. إنها لعبة خاصة، لها قواعد ‏وشروط وامتحان يخضع له الباحث عن رخصة الاحتراف السياسي لتمكنه من التمييز بين ‏القواعد السياسية والمهارة السياسية، فالأولى غير مسموح بخرقها تحت أي ظرف كان ‏وإلا فان العقوبة جاهزة، والثانية إتقان أساليب خرق قواعد اللعبة وتلافي العقوبة.‏
يعتقد (( جورج بوش )) " لو أتيح للناس اكتشاف الحماقات والأخطاء التي ارتكبناها ‏لعمدوا على مطاردتنا في الشوارع ليعدموننا ".‏
 
السياسي المدرك لقواعد اللعبة السياسية، هو القادر على خرقها دون أن ينال العقوبة ‏اللازمة أو يؤشر على أدائه السياسي، والأكثر مهارة أن يؤشر المناوئين على خرقه ‏لقواعد اللعبة دون أن يتمكنوا من تقديم الأدلة كونها غير مستوفية لشروط الإدعاء وخشيةً ‏من الإدعاء المضاد الذي يستوجب العقوبة القانونية لتلاحقهم ابتسامته الماكرة.‏
السياسي المحترف ليس فقط من يجيد قواعد اللعبة السياسية وحسب، بل القادر على شل ‏حراك أقرانه من السياسيين والتقليل من أهمية مشاريعهم السياسية وإن كانت ناجحة. ‏فالتحالفات السياسية تعد شراكة في الجهد السياسي لتحقيق الهدف المعلن وليس الهدف ‏المخفي. أن تنال موقعاً ما في هرم السلطة لا يعني إطلاقاً الإيمان بكافة سياساتها بالرغم ‏من إلزامية تنفيذها طبقاً لقواعد اللعبة السياسية.‏
يقول (( كون باول )) " إنتم تعرفون ما أؤمن به وتعرفون أيضاً أني عاجز عن فعل أي ‏شيء ومضطر لتنفيذ سياسات هؤلاء الحمقى ". ‏
إن الإدعاء بالمبادئ السامية شيئاً والالتزام بها شيء آخر على صعيد الواقع، فالقاعدة ‏العامة في اللعبة السياسية لاستقطاب الجمهور الجاهل، الإدعاء بالنزاهة والوطنية ‏والشرف... ( والتي تعد مفاهيم عاطفية تنفذ بسهولة في لا وعي الجمهور الجاهل ) ‏فطالما أنت خارج السلطة أعمل على كيل التهم الجزاف للمناوئين!. وتصبح القاعدة ‏معكوسة حين تكون أنت في السلطة والمناوئين خارجها. رمي التهم الجزاف والطعن ‏السياسي أساليب يجيد ممارستها كلا طرفي معادلة الشر ( السلطة والمعارضة ). وبما أن ‏مفهوم الوطنية، مفهوماً ملتبساً ويعد قاعدة هشة، لا يمكن الارتكاز عليها لممارسة حالة ‏التسقيط السياسي خلال كامل شوط اللعبة السياسية المحدد. فلا بد من إعادة تدقيق المفاهيم ‏السياسية ومنها مفهوم الوطنية التي تحت يافطتها ترتكب الجرائم السياسية البشعة وبعدم ‏إغفال واقعها الزماني والمكاني يمكن إيجاد تعريف دقيق للسياسي الوطني لاعتماده ليس ‏كشعار كاذب للتوظيف السياسي وإنما معياراً يحد من المزايدات السياسية.‏
يرى (( كينيون غيبسون )) " أن الوطنية شيء جيد، لكن من هو الوطني ؟. هل هو الأبله ‏الذي يلوح بعلم الوطن في المناسبات الشعبية ولديه عاطفة جياشة ويطلق شعارات كاذبة ‏في مسيرات وتظاهرات الزيف. هذه تفاهة... هل تريد أن تكون وطنياً ؟. إذاً عليك تجاهل ‏أولئك الحمقى ".‏
صناعة السياسي، إطلاؤه بطلاء الوطنية والنزاهة والشرف... تنظيف سجل تاريخه ‏الوسخ لمنحه سمعة حسنة وتاريخ ناصح البياض يعد من متطلبات السوق السياسي. ‏فقواعد اللعبة السياسية لا تسمح بوصول سياسي إلى هرم السلطة دون أن يحمل ماركة ‏عالمية معترف بها في سوق السياسة الدولية. ولا يمكن الترويج لبضاعة مجهولة المنشأ، ‏دون معرفة صلاحيتها للاستهلاك وشروط تخزينها في مستودعات شركات التسويق ‏السياسي وكذلك تحديد سُبل تسويقها المناسبة في كل سوق سياسي على حدا تبعاً لمستوى ‏وعي الجمهور. ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق